ان مايحصل اليوم هو حركة احتجاجية عالمية وعاصفة تضرب الكون شرقا وغربا،شمالا وجنوبا،واذا جاز لي توصيفها فهي حتمية تاريخية استنادا الى النظرية الماركسية التي تعالج مسآلة المجتمعات البشرية والقوانين التي تتحكم بها وبتاريخها وحركتها،أو سنّة التدافع التي تعتبر جزءأ من السنن الكونية بالمعنى الديني..
ان مختصر مايجري اليوم على صعيد العالم هو ان الشعوب في الشرق والغرب لم تعد تحترم مايسمى بالنخب.
وتمثل احتقار الجماهير للنخب الثقافية والسياسية في الغرب عبر حركة احتجاجية تمثلت اليوم في تاييد المجتمعات للحركات الشعبوية واليمينية المتطرفة نكاية بالاحزاب والحركات السياسية التقليدية التي وصلت الى حافة الافلاس وتجلت هذه الحركة الاحتجاجية في ابهى صورها في صعود ترامب في امريكا واليمين في فرنسا وهولندا والمانيا وتصويت البريطانيين لصالح مغادرة الاتحاد الاوربي.
ان الحركات الاحتجاجية اليوم هي في جوهرها ثورة اجتماعية ضد السياسيين والاحزاب والصحف والمثقفين وجمهرة الاعلاميين .
وانظلاقا من تلك الحقيقة فان الجمهور اليوم على ضفتي الاطلسي بات يعيش حالة من انعدام الثقة بمؤسساته السياسية وفقدت النخبة الليبرالية قدرتها على التاثير في تشكيل الراي العام رغم الامكانات المالية والاعلامية التي تمتلكها..
وحتى على الصعيد السياسي فقد وصلت قواعد اللعبة التي وضعها الكبار الى طريق مسدود لأن النظام الدولي القائم اليوم لم يعد بامكانه استيعاب وتلبية مصالح القوى العظمى في وقت لايمكن اليوم قيام حرب عالمية مباشرة بسبب وجود الردع النووي.
اما العولمة والراسمالية فقد وصلت هي الاخرى الى استهلاك نفسها ولم تعد صالحة لتلبية حاجات الدول والافراد على حد سواء، فالراسمالية وصلت الى ذروتها بعد نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي وابتدأت الآن في مرحلة التفكك لأنها كانت تعتمد الفائض الصناعي والتجاري أساساً لها، فتحولت اليوم الى رأسمالية نقدية بعد تدشين مرحلة مابعد الصناعة ومابعد التكنلوجيا.والراسمالية اليوم تتفكك بعد أن دمرت كل شيء، فالرأسمالية، تماما مثل العقرب، لا بد أن تدمر نفسها من خلال تشبع السوق، وانفجار الديون، والاتجاه النزولي في معدل الأرباح، وانحدار أوروبا، والانتشار واسع النطاق في الوعي الزائف، وتفعيل عملية الفوضى من هدم الحضارة، فإن العالم يبدو قد دخل في مرحلة إندفاعية وختامية.
أما لدينا في الشرق فان الشعوب عاشت مئة عام على وهم التقدم المزعوم وبايعت الحكام على احلامها واكتشفنا بعد كل تلك العقود اننا نطارد خيط دخان وان النتيجة كانت فجيعة بكل المقاييس فلا حكام يحملون ذرة من ضمير،ولا اوطان تحترم مواطنيها ،ولا نخب تحترم شرف القلم ،ولا رجال دين يحترمون الايمان الذي يدعون انهم يحملونه في صدورهم،وحتى الجيوش التي كنا نبني عليها الآمال اكتشفنا انها قطعان من اللصوص لايصلحون حتى لحماية شرفهم .
وهكذا صار التسونامي نتيجة حتمية بعدما تم انهيار كل المنظومات الزائفة،وحتى القوانين اكتشفنا انها كذبة اخترعها الكبار لتشريع الظلم وتقنيين خضوع الفقراء.بل وحتى ديمقراطية الغرب أصبحت مجرد مهرجان لإعادة انتاج نظم الاستغلال وتجميل الظلم عبر تغييب الوعي الذي تمارسه دكتاتورية السلطة والاعلام ورأس المال.
وان مايجري في سوريا والعراق اليوم هو صورة تعبر بوضوح عن مأزق العالم ،حكومات، وشعوب ،وأنظمة ،وقيم ،وسياسات،ومنظومات اجتماعية .ومن هنا نرى يجتهد الجميع لبذل اقصى طاقة من اجل ان يترك بصمته في المشهد لأن نتائج مايحصل في الشام ستقود الى وضع قواعد جديدة للعالم وادارة اللعبة بما يعيد صناعة تاريخ العالم لمئة سنة قادمة على الأقل ..
#ولا_غالب_الاّ_الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق